أحداث كازاخستان واوكرانيا، مسرح صراع روسي أمريكي على السيادة (فينوس محمد)
أحداث كازاخستان واوكرانيا، مسرح صراع روسي أمريكي على السيادة
أحداث كازاخستان واوكرانيا، صراع روسي أمريكي
مقال – فينوس محمد
اندلعت قبل أيام مظاهرات في كازاخستان، على خلفية ارتفاع أسعار الغاز المسال، وانخفاض أسعار النفط عالمياً، بالاضافةإلى التداعيات الاقتصادية على الصعيد الداخلي في موسكو مما أثر بشكل غير مباشر على الأوضاع الاقتصادية في كازاخستان وأدى الى ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وعلى ضوء هذه المتغيرات الاقتصادية الجديدة على الساحة الكزخية، اندلعت مظاهرات في عدد من المدن الكزخية من بينها العاصمة الاقتصادية في كازاخستان (ألما آتا )، وتحولت لاحقاً المظاهرات إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وخرجت معظم المدن الكزخية عن الخدمة، وانقطع الانترنت عن عدد من المباني الحكومية، ولم تخف حدة المظاهرات حتى بعد قبول الرئيس الكزخي “قاسم جومارت توكاييف” استقالة الحكومة، بيد أن هذه الاحتجاجات تعبر عن تراكمات لضغوطات داخلية على الصعيدين: السياسي والاقتصادي.
وبالرجوع إلى كازاخستان، تعد كازاخستان أحد دول آسيا الوسطى، وتشكل الخاصرة الجنوبية لموسكو وتجمعها معها حدود مشتركة.
وتعد كازاخستان ساحة جيدة للتنافس الصيني الروسي الأمريكي كونها أحد الدول المنتجة لليورانيوم والطاقة والغاز، وتشتري موسكو نصف الغاز الذي تنتجه كازاخستان ( بمعدل ١.٨ مليون برميل يوميا ) بسعر تفضيلي ومن ثم تبيعه لاوروبا.
كما تستثمر واشنطن في الغاز الذي تنتجه كازاخستان، حيث تمتلك شركة شيفرون الامريكية حوالي نصف أكبر حقل منتج للنفط في كازاخستان، كما تعتبر الصين كازاخستان مهمة من الناحية الجيوسياسية كونها تمثل أحد المحطات المهمةلمشروعها الاقتصادي المستقبلي المتعلق بطريق واحد _حزام واحد ( طريق الحرير ) والذي من الممكن ان تستثمره في تصدير النفط الخام عبرها الى أوروبا.
وتظهر تداعيات هذا التنافس الثلاثي بين بكين وموسكو وواشنطن في الدعم الغربي للاحتجاجات الشعبية في دول آسيا الوسطى، ولعل أبرز المحطات التي تبرز هذا التنافس بشكل كبير هي الاحتجاجات التي اندلعت على خلفية الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا، حيث كان أغلب الشعب البيلاروسي غير راضٍ على الإطلاق عن نتيجة الانتخابات لصالح الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو.
وبالرجوع بالتاريخ إلى الوراء، شهدت دول آسيا الوسطى ما يسمى بالثورات الملونة وهي ثورات أشبه بثورات الربيع العربي احتجاجاً على الأنظمة القمعية الاشتراكية التي تحكم البلاد فعلى سبيل المثال: اندلعت عام 2003 الثورة المخملية في جورجيا والبرتقالية في أوكرانيا عام 2004
وثورة البنفسج في قيرغيزستان عام 2005 والتي أطاحتها انتفاضة شعبية أخرى عام 2010، في حين تعثرت احتجاجات تلك الفترة في أوزبكستان وأرمينيا.
ولعل ضم موسكو لشبه جزيرة القرم عام 2014، أثار مخاوف لدى واشنطن والغرب من جهة، ولدى حكومات دول آسيا الوسطى من جهة أخرى، اتجاه احتمال ضم موسكو لهذه الدول إليها، والتي كانت في السابق جزءاً من جمهورية الاتحاد السوفييتي.
ففي عام 2014 وبعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم، دعا السياسي القومي إدوارد ليمونوف، الكرملين إلى ضم المحافظات الشمالية من جمهورية كازاخستان بعد انتهاء حكم الرئيس الكزخي السابق “نور سلطان نازارباييف” وكتب: “المدن الروسيةالتي باتت خلف حدودنا، في داخل كازاخستان تشدّنا، بدءًا من أورالسك حتى أوست كيميناغورسك (مدن في شمال كازاخستان) والتي يجب أن تصبح تابعة لروسيا وضمن حدودها“.
ومن جهة أخرى أثار نواب في مجلس الدوما الروسي قبل نهاية عام 2020 تصريحات حول تبعية كازاخستان لروسيا مصرحين بأنها هدية من روسيا الى الشعب الكزخي، إلا أن الرئيس الكزخي “قاسم جومارت توكاييف” صرح بأنه منذ التوقيععلى اتفاقية الوضع القانوني لبحر قزوين، تم تحديد حدودنا وحلّها نهائياً، ليس فقط على اليابسة، ولكن أيضاً في البحر“، كما حثّ على مواجهة استفزازات أولئك الذين يشككون في وحدة أراضي كازاخستان.
ووسط كل هذه التداعيات التي توحي بشكل أو بآخر بعدم الاستقرار سياسيا واقتصادياً مؤخراً على الاراضي الكزخية، يرى بعض المحللون أن ما يحدث في كازاخستان من تظاهرات يقع ضمن المخطط الأمريكي للايقاع بروسيا وتهديدها وسط عدم الاتفاق على سيناريو نهائي للحل في الملف الاوكراني لا سيما في ظل عدم موافقة موسكو على تخفيض التصعيد في دونباسبل على العكس تماماً لا زالت تحشد القوات العسكرية التي تصل إلى حوالي 170 الف جندي على الحدود مع روسيا بالاضافة إلى دعم الانفصاليين المدينين بالولاء لروسيا في دونباس والتهديد بنشر الأسلحة النووية داخل الاراضي الاوكرانية اذا لم توافق واشنطن على احتواء الازمة من خلال الموافقة على الضمانات الامنية الروسية الرسمية الى ايقاف تمدد دول حلفالناتو نحو الشرق من اوكرانيا حتى حدود 1997.